منذ شهرين، كنت أجلس مع أصدقائي
من مجموعة "أصل ووصل" في فترة الراحة التي تتخلل أحد إجتماعاتنا، أحكي
لهم عن نيتي للسفر بالعجلة في أنحاء مصر. حكيت لهم عن رحلة سبق لي القيام بها
بالدراجة في 2010 مع إثنين من الأصدقاء، قطعنا فيها 981 كم من القاهرة إلى أسوان،
مروراً بالغردقة، في ثمانية أيام. كما أخبرتهم عن رغبتي في إعادة إكتشاف مصر عن
طريق التجول فيها بالدراجة. بعد أن شعرت بمتعة السفر بالعجلة، والتي إكتسبتها عن
طريق رحلتي السابقة.
وبينما نحن نتحدث، ظهرت فكرة لطيفة، لماذا لا تعبر رحلتي حول
مصر بالعجلة عن الرؤية الحضارية التي إكتسبتها من خلال "أصل ووصل"؟
وتهدف أصل ووصل لإكتشاف رسالة مصر الحضارية من خلال التعريف
بالمعاني التي تحملها الآثار والفنون المتنوعة في العصور المختلفة، وحتى عصرنا
الحاضر. وذلك عن طريق رحلات وندوات ثقافية، وورش عمل،
وغيرها من الوسائل.
عدت إلى المنزل والفكرة لم تختمر في ذهني بعد. وفي غضون أيام، أصبح
لدي تصور كامل عما سأفعله. سأسافر بدراجتي حول مصر، وفي كل مكان أذهب
إليه، أزور الأماكن الاثرية التي تعبر عن الحضارة المصرية بتجلياتها المختلفة،
سواء الفرعوني، أو القبطي، أو الإسلامي. تلك الحضارة التي بثت الروح في العالم كله
على مدار عصور كثيرة. سأصحبكم لنشاهد معاً ما تركه المصري من فنون وآثار، عكست،
وما زالت تعكس، قيماً جمالية وروحية، عبرت عن نفسها في الفنون والآثار المختلفة، نسبر معاً أغوار الصحاري المحيطة بوادي النيل،
والتي بدأ المصري القديم حياته فيها منذ آلاف السنين، في العصور القديمة. قبل
أن ينتقل للحياة على ضفاف النيل، مستعيناً بالعمل الجماعي لتنقية مجرى النيل من
الأحراش التي كانت تملأ مجراه في ذلك الوقت.
ثم أصحبكم في جولة في الصعيد ودلتا النيل، لنستنشق معاً نسيم ذلك
النهر الذي قامت عليه حضارة أشرقت بنورها على العالم، لنحاول سوياً إعادة التعرف
على المقومات التي أنتجت الشخصية المصرية، تلك الشخصية الني إتسمت بمجموعة من
القيم الحضارية، ربما نكون قد تهنا وأبنعدنا عنها في أوقات كثيرة، لكنها تظهر في هذا
الشعب كومضات من آن إلى آخر... فدعونا نذهب معاً في رحلة نعيد فيها إكتشاف هذا
الشعب.
سأبدأ في القيام بمجموعة من الرحلات
بالدراجة في مختلف أرجاء مصر. وسيكون أولها بإذن الله في 31 أكتوبر،2013. سأبدأ
هذه الرحلة منطلقاً من القاهرة إلى الواحات البحرية، لأغادرها باتجاه الفرافرة، ثم
الواحتين الداخلة والخارجة. بعد ذلك أتجه إلى الاقصر، وأتركها لأسلك الطريق من
أدفو إلى مرسى علم، متجهاً إلى الجنوب لأصل إلى حلايب وشلاتين، وهي اقصى نقطة في
الجنوب الشرقي لمصر. لأبدا في التحرك شمالاً على طريق البحر الأحمر، متعرفاً على
المزارات الإسلامية والاديرة الأثرية، والآثار الفرعونية في هذه المناطق. ثم أمر
سريعاً بالقاهرة، متجهاً إلى سيوة التي تقع جنوب مرسى مطروح بـ 300 كم،لأعود مرة
أخري للقاهرة، منهياً رحلتي التي ستستغرق ما يقرب من شهرين بإذن الله، والتي
ساتجول خلالها في الصحاري المصرية، بإستثناء سيناء التي سأخصص لها رحلة منفردة،
ربما حين تستقر الأوضاع بها.
بعد غد بإذن الله سنبدأ معأ ...
جولة حول مصر بالدراجة
تابعوا حكاياتي على ... يوميات واحد راكب عجلة